وجوب قضاء دين الخالق على وجوب قضاء دين المخلوق. وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في لحوم الأضاحي:«إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت عليكم» فأعلمهم بالعلة ليعتبروها. وهذا نص منه على وجوب الحكم بالقياس. «وسئل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن بيع الرطب بالتمر فقال أينقص الرطب إذا يبس فقالوا نعم، فقال فلا إذا». ففي سؤاله إياهم هل ينقص الرطب إذا يبس دليل واضح على أنه إنما أراد بذلك تنبيههم على العلة في بيع الرطب بالتمر وتوقيفهم عليها ليعتبروها حيثما وجدوها، إذ لا جائز أن يكون النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يجهل أن الرطب إذا يبس ينقص، وإنما أراد أن يعلمهم أن معنى نهيه عن بيع التمر بالتمر متفاضلا موجود في بيع الرطب بالتمر مثلا بمثل، وهذا بين. وروت أم سلمة أن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قال:«إني أقضي بينكم بالرأي فيما لم ينزل به وحي». ومصداق هذا الخبر في كتاب الله عز وجل:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ}[النساء: ١٠٥]، وقال تعالى:{وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}[آل عمران: ١٥٩].
[فصل]
وأما الإجماع في ذلك فمعلوم حصوله وتقرره قبل خلق أهل الظاهر القائلين بنفيه. والدليل على ذلك أن الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - اختلفوا في أشياء كثيرة كتوريث الجد والعول في الفرائض وديات الأسنان وما أشبه ذلك، واحتج كل