ذلك على تحريمها حتى جعله صاحب الشرع علة في تحريمها، فليست علة على الحقيقة، وإنما هي أمارة على الحكم وعلامة عليه.
[فصل]
والذي يدل على صحة العلة في الأصل الكتاب والسنة وإجماع الأمة والتأثير وشهادة الأصول. والتأثير هو أن يعدم الحكم بعدم العلة في موضع ما. وشهادة الأصول هو مثل أن يستدل المالكي على الحنفي بأن القهقهة لا تنقض الوضوء في الصلاة كما لا تنقضه قبل الصلاة كالكلام فيطالب عن صحة العلة فيقول الأصول متفقة على التسوية بين الأمرين.
[فصل]
وهذا كله يرجع إلى وجهين:
أحدهما: أن تكون العلة معلومة قد ثبتت بدليل قاطع لا يحتمل التأويل من نص، كقول النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت عليكم». أو تنبيه كقوله:«أينقص الرطب إذا يبس قالوا نعم قال فلا إذا» أو دليل أولى كنهيه عن التضحية بالعوراء فإنه يدل على أن العمياء بذلك أولى. أو مفهوم من اللفظ من غير جهة الأولى كنهيه عن البول في الماء الدائم والأمر بإراقة السمن الذائب إذا ماتت فيه فأرة؛ لأن هذا يعرف من لفظه أن الدم مثل البول وأن الزيت مثل السمن الذائب. أو إجماع كإجماعهم على أن حد العبد إنما نقص لرقه وما أشبه ذلك. وهذا كله هو القياس الجلي، وإن كان بعضه أجلى من بعض.
والثاني: أن تكون العلة مظنونة غير معلومة إذا لم تثبت بدليل قاطع لا