قبوله وحرم عليه قتالهم لقول الله عز وجل:{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}[التوبة: ٢٩] ولم أر لأحد من أصحابنا في ذلك حدا. والذي يأتي على المذهب عندي أن أقلها ما فرض عمر على أهل العنوة، فإذا بذل ذلك أهل الحرب في الصلح على أن يؤدوه عن يد وهم صاغرون لزم الإمام قبوله وحرم عليه قتالهم. وله أن يقبل منهم في الصلح أقل من ذلك وإن كانوا أغنياء وقال الشافعي: أقل الجزية دينار، ولا يتقدر أكثرها لأنه إذا بذل الأغنياء دينارا حرم قتالهم وهذا نص منه على أن أقل الجزية دينار، ولا يتقدر أكثرها معناه أنه ليس لكثرة ما يبذلونه في الصلح حد لا يجوز للإمام أن يتجاوزه، بخلاف أهل العنوة الذي لا يجوز للإمام أن يتجاوز فرض عمر، والله سبحانه وتعالى أعلم.
[فصل]
وهي على ثلاثة أوجه: أحدها أن تكون الجزية مجملة عليهم، والثاني أن تكون مفرقة على رقابهم دون الأرض، والثالث أن تكون مفرقة على رقابهم وأرضهم أو على أرضهم دون رقابهم، مثل أن يقول على كل رأس كذا وكذا، وعلى كل زيتونة كذا وكذا وعلى كل بيدر قفيز من الأرض كذا وكذا. ولكل وجه من هذه الوجوه أحكام تختص به.
[فصل]
فأما إذا كانت الجزية مجملة عليهم فذهب ابن حبيب إلى أن الأرض موقوفة للجزية لا تباع ولا تورث ولا تقسم ولا تكون لهم إن أسلموا عليها، وأن مال من مات منهم لوارثه من أهل دينه إلا أن لا يكون له ورثة من أهل دينه فيكون للمسلمين. وذهب ابن القاسم إلى أن أرضهم بمنزلة مالهم يبيعونها ويرثونها ويقتسمونها وتكون لهم إن أسلموا عليها، وإن مات منهم ميت ولا وارث له من أهل دينه فأرضه وماله لأهل مواده ولا يمنعون من الوصايا وإن أحاطت بأموالهم إذ لا ينقصون من الجزية شيئا لموت من مات.