اقتضاء الديون، فجعل موت المجعول له كموت المقارض - إن كان قد شرع في العمل نزل ورثته منزلته إن كانوا أمناء، وإن كان لم يشرع في العمل ولا اقتضى منه شيئا، فلا حق لورثته، وقال: إن الجعل ينتقض بموت الجاعل - مات قبل شروع المجعول له في العمل أو بعده، فلم يحمله في هذا الطرف محمل القراض، ولا محمل الجعل في حق الجاعل له للزوم المجاعل له بالعقد أو شروع المجعول له في العمل - على ما قدمناه من الاختلاف في ذلك؛ وأما اشتراطه في موت المجعول له للأمانة في الورثة فصحيح لا ينبغي أن يختلف في ذلك؛ لأن هذا مما ينبغي فيه الأمانة.
[فصل]
وليس من شروط صحة الجعل أن يكون في القليل، وإن كان قد قال ذلك عبد الوهاب وغيره، فليس بصحيح، وإنما الصحيح أنه جائز في كل ما لا يصح للجاعل فيه منفعة إلا بتمامه كما قدمناه كان قليلا أو كثيرا؛ وغير جائز فيما يكون للجاعل فيه منفعة قبل تمامه كان قليلا أو كثيرا؛ ولذلك قال ابن المواز: إن الجعل على حفر الآبار لا يجوز إلا فيما لا يملك من الأرضين؛ لأن ما يملك من الأرضين إن ترك المجعول له العمل بعد أن حفر بعض البئر، انتفع الجاعل بما حفر منها بوجوه كثيرة من وجوه المنافع، وما لا يملك من الأرضين منفعة للجاعل فيما حفر المجعول له منها إن لم يتم حفرها. فإذا لم يكن للجاعل في العمل المجعول فيه منفعة إلا بتمامه، جاز الجعل قياسا على قول الله تعالى:{وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ}[يوسف: ٧٢]، لأنه إذا لم يأت المجعول له في الطلب بالمطلوب لم ينتفع الجاعل بغايته في الطلب، وهذا بين.
[فصل]
وقوله: إنما جوز مالك الجعل في الشيء اليسير مثل الثوب والثوبين، وقوله: إن الكثير من السلع تصلح فيه الإجارة ولا يصلح فيه الجعل، والقليل يصلح