وإلى هذا ذهب ابن حبيب. ومن قال: إن الطلقة الثالثة وقعت عليها يوم أبيحت للأزواج وكشف ذلك دخول هذا الزوج بها أو عقده عليها، رأى أنه يحلها، وإلى هذا ذهب أشهب ووقع قوله في السليمانية وهو الصواب؛ لأن الطلقة الثالثة لو وقعت عليها بدخول الزوج بها أو بعقده عليها لوجب عليها أن تعتد من حينئذ، وهذا ما لا يقوله أحد. وأما من ذهب إلى أنها لا ترد إلى الزوج الأول إذا لم يقدم حتى تنقضي العدة، وإن لم تتزوج فيرى أن هذا الزوج يحلها له؛ لأنها تزوجت عنده بعد وجوب الطلقة الثالثة عليه، وهذا بين.
[فصل]
فإن قدم الزوج بعد أن دخل بها الزوج الذي تزوجها وبنى بها على القول الذي يرى أنها تفوت بالدخول، فأقر الزوج أنه لم يطأ لم تحل لواحد منهما؛ لأنها قد حرمت على الأول بما ظهر من دخوله بها، وعلى الثاني بإقراره أن الأول أحق بها وأنها زوجته.
[فصل]
وأما ماله فموقوف لا يورث عنه حتى يعلم موته أو يأتي عليه من الزمان ما لا يحيا إلى مثله. واختلف في حد ذلك فروي عن ابن القاسم سبعون سنة، وقاله مالك وإليه ذهب عبد الوهاب، واحتج له بقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين»؛ إذ لا معنى لقوله إلا الإخبار بما يتعلق به الحكم، والله أعلم.
وروي عن مالك ثمانون سنة وتسعون سنة، وقال أشهب: مائة سنة. وحكى الداودي عن محمد بن عبد الحكم مائة وعشرون سنة، وهو مذهب أبي حنيفة، فإن فقد وهو ابن سبعين سنة على مذهب من يرى السبعين ضرب له عشرة أعوام، وكذلك إن فقد وهو ابن ثمانين أو تسعين على مذهب من يرى ذلك أو