فإذا رجم لم يجلد مع الرجم في قول كافة الفقهاء خلافا لأهل الظاهر في قولهم إنه يجلد ثم يرجم بظاهر قول الله عز وجل:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}[النور: ٢] قالوا فعم كل زان محصن أو غير محصن، ثم قامت دلالة الرجم فأضفناها إلى الجلد مع ما روى عبادة بن الصامت عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:«خذوا عني فقد جعل الله لهن سبيلا الثيب بالثيب جلد مائة والرجم». واحتجوا بما روي أن علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جلد الهمدانية ثم رجمها وقال: جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وهذا كله لا حجة فيه لأن حديث عبادة بن الصامت منسوخ بما ثبت من حكم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالرجم دون الجلد، وبهذا الحديث يخصص الظاهر الذي احتجوا به من القرآن، وحديث علي يحتمل أن تكون كتمته الإحصان فلم يعلم به حتى جلدها.
[فصل]
فإذا تزوج الرجل المرأة وخلا بها فأقرا بالوطء قبل الزنى أو بعد الزنى فقد لزمهما الإحصان. وأما إن أنكراه بعد الزنى ولم يعلم منهما إقرار به قبله فاختلف هل يصدقان في إنكاره أم لا على ثلاثة أقوال:
أحدها قول ابن وهب إنهما لا يصدقان في إنكارهما وإن كان ذلك بقرب البناء.
والثاني ما ذهب إليه جمهور أصحاب مالك أنهما يصدقان في إنكار الوطء إلا أن يطول الزمان جدا، وهو ظاهر ما في كتاب النكاح الثالث من المدونة. والثالث أنهما يصدقان وإن طالت إقامتهما بعد الدخول، وهو ظاهر ما في كتاب الرجم من المدونة.
وإن كان إنكارهما قبل الزنى فلا اختلاف في أنهما يصدقان ولا يرجمان.
وقد ذهب بعض الناس إلى أن مسألة كتاب الرجم ليست بخلاف لمسألة كتاب