قال الله تعالى عز وجل:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ}[النحل: ١٠] أي تريحون وقال: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ}[النحل: ٦٦]{وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا}[النحل: ٦٧] واختلف في السكر فقيل: إنه اسم من أسماء الخمر وإنه يقع على كل مسكر من التمر والعنب وغيرهما، قال ذلك من ذهب إلى أن الخمر اسم لكل مسكر. وقيل: إن السكر ما أسكر من التمر، والخمر ما أسكر من العنب. وقيل: إن السكر هو الطعم يقال قد جعلت هذا لك سكرا أي طعما، وهذا له سكر أي طعم. وقيل: إن السكر ما سد الجوع. فمن ذهب إلى أن السكر الطعم أو ما سد الجوع فالآية على مذهبه بينة في المعنى مفتقرة إلى تأويل وتفسير. وأما الذين ذهبوا إلى أن السكر ما أسكر من كل شيء أو مما عدا العنب فإنهم اختلفوا في معناها، فمنهم من ذهب إلى أنها إخبار عما يصنعون ويتخذون من ذلك تقتضي الإباحة وأن الله قد نسخ ذلك بما أنزل من تحريم الخمر في المائدة وغيرها. ومنهم من ذهب إلى أن الآية لا تقتضي الإباحة؛ لأن الله لم يأمر فيها باتخاذ السكر ولا أباحه، وإنما أخبر فيها بما يتخذون من الخمر المحرمة عليهم في سورة المائدة وغيرها. والأول أظهر؛ لأن الله إنما ذكر ذلك تعديدا لنعمه على عباده وتنبيها على