رجوعه إلى يقين القوم بإحرامه واجتزائه بذلك دليل على إجازة تقدم النية الإحرام وقد ذكرنا ذلك.
فصل
في السلام من الصلاة
والسلام من الصلاة بمنزلة الإحرام لها في جميع حالاته؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جمع بينهما فقال:«تحريم الصلاة التكبير وتحليلها التسليم». فكما لا يدخل في الصلاة إلا بتكبيرة ينوي بها الدخول في الصلاة والتحرم بها، فكذلك لا يخرج منها إلا بتسليمة ينوي بها الخروج من الصلاة والتحلل منها، فإن سلم في آخر صلاته ولا نية له أجزأ ذلك عنه لما تقدم من نيته، إذ ليس عليه أن يجدد الإحرام لكل ركن من أركان الصلاة. وإن نسي السلام الأول وسلم السلام الثاني لم يجزئه ذلك على مذهب مالك، وأجزأه على ما تأولناه على مذهب ابن المسيب وابن شهاب. وإن سلم ساهيا قبل تمام صلاته لم يخرج بذلك عن صلاته بإجماع، فليتم صلاته ويسجد لسهوه إن كان وحده أو إماما، فإن سلم شاكا في تمام صلاته لم يصح له الرجوع إلى تمامها. واختلف إن أيقن بعد سلامه أنه قد كان أتم صلاته، فقال ابن حبيب: صلاته جائزة كمن تزوج امرأة وهو لا يدري إن كان زوجها حيا أو ميتا ثم انكشف أنه قد مات وانقضت العدة أن نكاحه جائز، وقد قيل: إن صلاته فاسدة وهو أظهر. وإن سلم قاصدا إلى التحلل من الصلاة وهو يرى أنه قد أتمها ثم شك في شيء منها أو أيقن به لم يمنعه ذلك من الرجوع إلى إصلاحها. واختلف هل يرجع إليها بإحرام أم لا على قولين: أحدهما أن السلام على طريق السهو لا يخرجه عن الصلاة فيرجع إليها بغير إحرام، وهو قول أشهب وابن الماجشون واختيار ابن المواز في كتابه، والثاني أنه يخرجه عن الصلاة فلا يرجع إليها إلا بإحرام، وهو قول ابن القاسم في المجموعة وروايته عن مالك. وإلى هذا ذهب أحمد بن خالد وقال: إنه