وسنة توجب العمل ولا توجب العلم، وهو ما ينقله الثقة عن الثقة، وهو كثير في كل نوع من أنواع الشرائع، وهو نحو ما أمر الله به من الحكم بشهادة الشاهدين العدلين وإن كان الكذب والوهم جائزا عليهما فيما شهدا به.
[فصل]
والإجماع لا يصدر إلا عن دليل، إما توقيف عن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وإما استدلال من الكتاب والسنة، وإما اجتهاد، كنحو إجماعهم على جلد شارب الخمر وما أشبه ذلك. وهو ينقسم على قسمين: فمنه ما يجتمع فيه العلماء والعامة كالوضوء والصلاة والزكاة والصيام. ومنه ما يجتمع عليه العلماء دون العامة غير أن العامة مجمعة على أن ما اجتمعت عليه العلماء من ذلك فهو الحق وهو فروع العبادات وأحكام الطلاق والحدود وما أشبه ذلك.
[فصل في وجوب الحكم بالقياس]
وأما الاستنباط وهو القياس فالتعبد به جائز في العقل واجب في الشرع. والذي يدل على أنه أصل من أصول الشرع الكتاب والسنة وإجماع الأمة. فأما الكتاب فقوله تعالى:{فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ}[الحشر: ٢]، والاعتبار تمثيل الشيء بالشيء وإجراء حكمه عليه. روي عن ثعلب أنه فسر قَوْله تَعَالَى:{فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ}[الحشر: ٢] بأن المراد به القياس وقال الاعتبار هو القياس وهو ممن يعول على قوله في اللغة والنقل عن العرب. ودليل آخر من الكتاب وهو أن الله تعالى كلفنا تنفيذ الأحكام وأعلمنا أن جميع ذلك في القرآن بقوله تعالى:{تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}[النحل: ٨٩]، وقَوْله تَعَالَى:{مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}[الأنعام: ٣٨] فلما لم توجد