غنائم بدر، لأن الآية فيها نزلت لما تشاجروا في قسمتها:{قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ}[الأنفال: ١] الآية وهي أيضا تستعمل على الفيء والغنيمة، لأنهما عطيتان من الله تعالى لهذه الأمة خصها بهما دون سائر الأمم. والنافلة هي العطية، قال الله عز وجل:{وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً}[الأنبياء: ٧٢]، وقال تعالى:{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}[الإسراء: ٧٩]، ولهذا يسمى ما يعطى الإمام من الغنيمة سوى قسم الجيش نفلا. والذي سأل ابن عباس عن الأنفال إنما سأله والله أعلم عن اشتقاق اللفظ ومعنى كونها لله والرسول، فلم يقنع بما أجابه به ما فيه شفاء لمن اعتبر وردد عليه السؤال حتى أخرجه.
[فصل]
وقد اختلف فيما ينفله الإمام فقيل إنه لا ينفل إلا من الخمس، لأن الأربعة الأخماس للغانمين والخمس مصروف إلى اجتهاد الإمام، وهو مذهب مالك. وقيل إنه لا ينفل إلا بعد الخمس من الأربعة الأخماس، لأن الخمس عندهم قد صرفه الله تعالى إلى المذكورين في الآية فلا يخرج عنهم منه شيء. وقيل إن له أن ينفل من جملة الغنيمة قبل أن يخمسها. ولا يرى مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - للإمام أن ينفل قبل القتال لئلا يرغب الناس في العطاء فتفسد نياتهم في الجهاد، فإن وقع ذلك مضى للاختلاف الواقع في ذلك والآثار المروية فيه. وأما سلب القتيل فقيل إنه لا يكون للقاتل إلا أن ينفله إياه الإمام إما من الخمس، وإما من رأس الغنيمة، وإما بعد تخميسه على ما ذكرناه من الاختلاف فيما سوى السلب. وقيل إنه للقاتل حكم من النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لا يحتاج فيه إلى استئناف أمر من الإمام. وقيل إن الإمام يخمسه ولا يكون له منه إلا أربعة أخماسه. وقد قيل إن الإمام لا ينفل إلا من خمس الخمس، وهذا يرده حديث ابن عمر في السرية التي بعثها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -