يجر قوله على قياس، لأنه جعل القسمة في بعض المواضع أخف من البيع فأجاز القسمة بالسهمة فيما يجوز سلم بعضه في بعض،، وجعلها في بعض المواضع أشد من البيع فمنع من القسمة بالسهمة فيما هو عنده في البيع صنف واحد لا يجوز أن يسلم بعضه في بعض، وذلك قوله في المدونة إنه تقسم الخيل على حدة والبراذين على حدة والبغال على حدة والحمير على حدة، إلا أن يتأول عليه أنه أراد أن يقسم الخيل على حدة والبراذين على حدة والبغال على حدة والحمير على حدة إذا كان في كل صنف منها ما يحمل القسمة، فيكون ذلك مثل ظاهر قوله في البز في أحد الموضعين من المدونة، ومثل قول عيسى بن دينار من رأيه في سماعه من كتاب القسمة في قسمة الأرض الدنية والكريمة. وهذا أولى ما حمل عليه قوله والله أعلم. فيتحصل من مذهبه على هذا التأويل ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه يجمع الخيل والبراذين والبغال والحمير في القسمة إن كان كل صنف منها يحتمل أن يقسم على حدة.
والثاني: أنه لا يجمع في القسمة إلا أن يكون كل صنف منها لا يحتمل أن يقسم على حدة.
والثالث: أنه لا يجمع في القسم بحال وإن لم يحتمل أن يقسم كل صنف على حدة. وكذلك البز والثياب على هذا القياس يكون فيه ثلاثة أقوال: وذهب ابن حبيب إلى أنه يجمع في القسمة ما تقارب من الصنفين، فجعل الخز والبز والحرير صنفا واحدا، والقطن والكتان صنفا، والصوف والمرعزى صنفا، والفراء وإن اختلفت أجناسها صنفا.
[فصل]
وأجاز أشهب جمع صنفين في القسمة بالسهمة إذا رضي الشريكان بذلك، ومثله موجود لابن القاسم في المدونة في مسألة الشجرة والزيتونة، وذلك معترض لأنه إن كان غررا فلا يصح الرضا به، وإن لم يكن غررا فيلزم الحكم به.