{وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}[الطلاق: ٤]، عموما إلا ما يروى عن بعض السلف أن المتوفى عنها زوجها وهي حامل تعتد أقصر الأجلين. فإن لم تكن حاملا فهاهنا تفترق عدة الوفاة من عدة الطلاق. فأما عدة الوفاة فأربعة أشهر وعشر، وهي لازمة في المدخول بها والتي لم يدخل بها لعموم قوله عز وجل:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}[البقرة: ٢٣٤]، فقيل: إنها في التي لم يدخل بها عبادة لا لعلة، وقيل: إنها لعلة، والعلة في ذلك الاحتياط للزوج إذ قد درج وانطوى بحجته، فلعله لو كان حيا لبين أنه قد دخل بها. ونظير ذلك أن من أثبت دينا على ميت لا يحكم له إلا بعد اليمين وإن لم يدع الورثة عليه أنه قد قبض أو وهب، بل لو أقر له الورثة بالدين ولم يريدوا أن يدفعوه إلا بحكم لم يحكم له القاضي به إلا بعد اليمين مخافة أن يطرأ وارث أو يطرأ عليه دين. هذه علة صحيحة في التي يوطؤ مثلها. ولما لم يكن في قدر ذلك حد يرجع إليه في الكتاب والسنة حمل الباب محملا واحدا وأوجب عليها العدة وإن كانت ممهورة.
[فصل]
ولم يختلف في التي قد دخل بها أنها لعلة وهي حفظ الأنساب، لكن تحديد الأربعة أشهر وعشر دون الاقتصار على ما يحصل به الاستبراء أو يعلم به براءة الرحم عبادة. والدليل على ذلك اختلاف قول مالك في الكتابية إذا مات عنها زوجها المسلم هل تعتد بأربعة أشهر وعشر أو ثلاث حيض؛ لأنه مبني على الاختلاف في الكفار هل هم مخاطبون بشرائع الإسلام أم لا. فإذا قلنا إنها غير مخاطبة بشرائع الإسلام فإنما عليها الاستبراء بثلاث حيض، هذا أيضا على مذهب من رأى أن الثلاث حيض كلها استبراء. وأما من ذهب إلى أن الحيضة الواحدة استبراء والاثنتان عبادة فلا يوجب عليها في الوفاة ولا في الطلاق إلا الاستبراء بحيضة واحدة إن كانت مدخولا بها، وإن لم تكن مدخولا بها فلا شيء عليها في الوفاة ولا في الطلاق. فأما إسقاط العدة عنها في الوفاة إذا لم يدخل بها فقد حكى