تصديقه بدئ باليمين من قوي سببه على سبب صاحبه، كمن ادعى على رجل أنه اشترى منه سلعة وأقام على ذلك شاهدا واحدا فالقول قوله مع يمينه لأن سببه الدال على صدقه وهو الشاهد أقوى من سبب المدعى عليه وهو اليد. وإن تساوت الأسباب حلفا جميعا ولم يبدأ أحدهما على صاحبه باليمين وذلك كاختلاف المتتابعين.
[فصل]
فالأصل في جميع الأحكام والدعاوي أن يبدأ باليمين من يغلب على الظن صدقه كان مدعيا أو مدعى عليه. ألا ترى أن الرجل إذا دخل بزوجته وأقام معها مدة طويلة فطلقها أو لم يطلقها فطلبته بالصداق وادعت عليه أنه قد مسها وأنكر ذلك أنها مصدقة عليه بيمينها، وقيل بغير يمين وإن كانت هي المدعية وهو المدعى عليه لما يغلب على الظن صدق دعوى ولاة المقتول بسبب يدل على ذلك مثل السبب الذي حكم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أجله بالقسامة على أولياء المقتول أو ما أشبهه وجب الحكم بالقسامة والقود بها.
فإن قيل وما السبب الذي من أجله حكم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالقسامة؟ قيل له:
كانت خيبر دار يهود وكانت محضة لا يخالطهم غيرهم وكانت العداوة بينهم وبين الأنصار ظاهرة، وخرج عبد الله بن سهل بعد العصر فوجد قتيلا قبل الليل. فمثل هذا يغلب على ظن من سمعه أنه لم يقتله إلا اليهود. ولو وقع مثل هذا في زماننا لوجب الحكم به ولم يصح أن يتعدى إلى غيره.
[فصل]
وهذا السبب هو الذي يعبر عنه أصحابنا باللوث وقد سئل مالك في رواية