أن يحمل ما في المدونة على التفصيل الذي حكى ابن حبيب عن ابن القاسم من قوله وروايته عن مالك واختاره واستحسنه.
[فصل]
وهذا التفصيل ليس بقياس وإنما هو استحسان. والذي يوجبه النظر والقياس أن يرد القراض الفاسد كله إلى قراض المثل وإلى أجرة المثل جملة من غير تفضيل. وأما تأويل ما في المدونة على ما حكيناه عن الشيخ أبي جعفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - فلا حظ له في النظر والقياس ولا وجه له في الاستحسان، إذ الاستحسان في الأحكام إنما يكون على مذهب من أجازه وأخذ به لمعان تختص بالفروع فيعدل من أجلها عن إلحاقها بالأصول، وذلك معدوم في مسألتنا.
[فصل]
فوجه قول من قال إن القراض الفاسد يرد العامل فيه كله إلى إجارة المثل جملة من غير تفصيل أن القراض إجارة بغرر، لأن العامل يعمل في المال على جزء مما يربح فيه إن كان فيه ربح، إلا أنه استثني من الأصول للضرورة، فإنما يجوز إذا وقع على وجهه وسنته. فإذا وقع على خلاف ذلك فليس بقراض وإن سمياه قراضا، وإنما هو إجارة فاسدة فيرد فيها إلى إجارة مثله، وإنما يكون قراضا إذا عملا على سنة القراض. ألا ترى أنه لو قارضه على أن يعمل له بالمال إلى أجل كذا وكذا في كذا وكذا وله كذا وكذا لكانت إجارة ولم يكن قراضا، فلا معنى للاعتبار بذكر القراض إلا إذا عمل به على سنته. وأيضا فإن القراض عقد صحيح يوجب عوضا مسمى للعامل بالعمل، فإذا كان فاسدا وجب له أجر المثل في عمله لفواته. أصله إذا استأجره إجارة فاسدة ففاتت بالعمل أو باعه بيعا فاسدا ففاتت السلعة المبيعة.
[فصل]
ووجه قول من قال إنه يرد إلى قراض مثله جملة من غير تفصيل أن القراض