المدعي؛ لأن المدعى عليه لم يكن القول قوله من أجل أنه مدعى عليه، ولأن المدعي لم يكلف إقامة البينة على دعواه من أجل أنه مدع، إذ ليست الأحكام للأسماء، إنما هي للمعاني، فالمعنى الذي من أجله كان القول قول المدعى عليه هو أن له سببا يدل على صدقه دون المدعي في مجرد دعواه وهو كون السلعة بيده إن كانت الدعوى في شيء بعينه، أو كون ذمته بريئة على الأصل في براءة الذمم إن كانت الدعوى فيما في ذمته، والمعنى الذي من أجله وجب على المدعي إقامة البينة على دعواه هو مجرد دعواه من سبب يدل على صدقه فيما يدعيه، فإن كان له سبب يدل على تصديق قوله أقوى من سبب المدعى عليه، كالشاهد الواحد، أو الرهن، أو ما أشبه ذلك من إرخاء الستر، وجب أن يبدأ باليمين دون المدعى عليه، فإن لم يكن لواحد منهما سبب يدل على صدقه كالسلعة يتداعيانها وليست بيد واحد منهما، أو كان لكل واحد منهما سبب مكافئ لسبب صاحبه لا مزية له عليه، كتكافؤ البينة وليست السلعة في يد واحد منهما، لم يبدأ أحدهما باليمين دون صاحبه، ووجب أن يحلفا جميعا ويقسما السلعة بينهما.
[فصل]
والأصل في هذا أن المبدأ باليمين من المتداعيين هو من كان منهما أشبه بالدعوى بسبب يدل على تصديقه، كان المدعي أو المدعى عليه؛ لأن المدعي والمدعى عليه متداعيان في الحقيقة، مثال ذلك: أن من ادعى دارا في يد رجل هما متداعيان فيها؛ لأن كل واحد منهما يدعيها لنفسه دون صاحبه فيستويان في الدعوى، وفضله الذي في يده الدار باليد، فكان أشبه بالدعوى، فجعل القول قوله لهذا المعنى، لا من أجل كونه مدعى عليه.