للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في

المشي في النعل الواحدة

يكره على مذهب مالك وأصحابه أن يمشى في نعل واحدة، لنهي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن ذلك؛ لأنه عندهم نهي أدب وإرشاد، لما في ذلك من السماحة والشهرة لمخالفة العادة في اللباس، وما ينسب إلى فاعل ذلك من ترك المروءة وقلة التحصيل، لا نهي تحريم خلاف ما ذهب إليه أهل الظاهر من أنه نهي تحريم يأثم عندهم من مشى في نعل واحدة.

واختلف في المذهب هل يباح لمن انقطع قبال نعله وهو يمشي أن يقف في نعل واحدة حتى يصلح نعله الأخرى، فأجاز ذلك ابن القاسم في رواية أصبغ عنه، ولم يجزه أصبغ إلا أن يطول ذلك. وقول ابن القاسم أظهر، إذ ليس ذلك بمشي وإن طال وقوفه.

ولا يجوز له على قولهما جميعا أن يمشي في النعل الواحدة ما دام يصلح الأخرى التي انقطع قبالها. وقد روي «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ربما انقطع شسع نعله فمشى في نعل واحدة» إلا أنه حديث ضعيف لا يصححه أهل العلم بالحديث.

وروي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من رواية جابر بن عبد الله أنه قال: «إذا انقطع شسع نعل أحدكم فلا يمشي في نعل واحدة حتى يصلح شسعه». والذي أراه في هذا أن تستعمل الآثار كلها ولا يطرح شيء منها فيقال على استعمالها: إن الرجل لا يمشي ابتداء في نعل واحدة إذا انقطع شسع إحداهما، وإنه إذا انقطع شسع إحدى نعليه وهو يمشي مشى في النعل الواحدة ما دام يصلح الأخرى؛ لأن ذلك سير لا يطول، بخلاف ابتداء المشي في النعل الواحدة.

فقد روي عن علي بن أبي طالب أنه رئي يمشي في نعل واحدة وهو يصلح شسع الأخرى. وروي مثله أيضا عن عبد الله بن عمر. وقد روي عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أنها كانت تجيز المشي في النعل الواحدة وتنكر حديث أبي هريرة في النهي عن ذلك، وروي عنها أنها كانت تمشي في الخف الواحدة وتقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>