الله عز وجل وقولُه الحق {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا}[المائدة: ٣٨] فلم يخص قليلا من كثير. واحتجوا لذلك بقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لعن الله السارق يسرق البيضة ويقطع يده» فهذا منه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تنبيه على أنه يقطع في القليل والكثير إلى أشياء ذكروها. واحتجوا بها وتعلقوا بظاهرها لا حجة لهم بها، لأن الحد إذا ثبت عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجب المصير إليه والعمل به لأن المفسر يقضي على المجمل، والخاص يقضي على العام. وقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده؛» ليس على وجه التنبيه على إيجاب القطع في القليل والكثير، وهو يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يراد بها بيضة الحديد.
والثاني: أن يكون - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال ذلك على وجه التقليل كما قيل في العقيقة إنها تستجب ولو بعصفور، والعصفور لا يعق به ولا يجوز في العقيقة. وكما أمر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الأمة أن تباع إذا زنت ثلاثا أو أربعا ولو بضفير، ومثل هذا كثير. فيكون معنى قوله الزجر عن السرقة وتحقير ما تقطع فيه يد السارق في جنب قطع يده، وهذا بين وبالله التوفيق.
[فصل في معرفة حد النصاب عند من اعتبره]
اختلف الذين اعتبروا النصاب في حده اختلافا كثيرا. فمنهم من قال: لا تقطع يد السارق في أقل من درهم. ومنهم من قال: لا تقطع في أقل من درهمين. ومنهم من قال: لا تقطع في أقل من ثلاثة دراهم. ومنهم من قال: لا تقطع في أقل من ربع دينار، ومنهم من قال: لا تقطع في أقل من ربع دينار أو ثلاثة دراهم. ومنهم من