للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النظر والاستدلال، وما لا يصح الواجب إلا به فهو واجب مثله. فمن عرف الله تعالى بالأدلة التي نصبها لمعرفته فهو مؤمن، ومرتبته في الإيمان أرفع من مرتبة من آمن به من غير علم. قال الله عز وجل: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٩]، وقال: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: ١١]، وقال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨].

[فصل]

فكل عالم بالله مؤمن وليس كل مؤمن بالله عالما به.

[فصل]

وقولنا إن الإيمان شرط في جميع العبادات ليس على الإطلاق؛ لأن ما يصح فعله بغير نية من العبادات يصح مع عدم الإيمان إذا قلنا إن الكافر متعبد بشرائع الإسلام، وفي ذلك بين أهل العلم اختلاف. وكذلك النظر الموجب إلى معرفة الله تعالى عند من جعله أول الواجبات ليس من شرطه الإيمان ولا النية، وقد دللنا على فساد هذا القول.

[فصل]

والعبادات لا تفتقر إلى النية إلا بخمسة شروط: أحدها أن تكون فعلا أو تركا تختص بزمن معلوم مؤقت كالصيام، فإن كانت العبادة تركا لا تختص بزمن معلوم كترك الزنا وشرب الخمر وأكل لحم الخنزير وما أشبه ذلك لم تفتقر إلى نية. والثاني أن تكون العبادة مما يصح أن تفعل لله ويصح أن تفعل لغيره. فإن كانت العبادة مما لا يصح أن تفعل إلا لله كإرادة التقرب إليه بالعبادة، أو كانت مما لا يصح أن يفعل إلا لغير الله كالنظر المؤدي إلى معرفة الله عند من جعله أول الواجبات لم يفتقر ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>