على أن الصلاة لا تجب عليه ولا تجزئ عنه قبل دخول الوقت؛ لقول الله عز وجل:{أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ}[الإسراء: ٧٨]؛ ولأن جبرائيل - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أقام للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أوقات الصلوات، ثم قال له: بهذا أمرت. فإذا صلى وهو غير عالم بدخول الوقت وجب أن لا تجزئه صلاته وإن انكشف له [أنه صلاها بعد دخول الوقت؛ لأنه صلاها وهو غير عالم بوجوبها عليه. وقيل: إنها تجزئه إن انكشف له] أنها وقعت بعد دخول الوقت. واستدل من ذهب إلى ذلك بما جاء من أن «علي بن أبي طالب وأبا موسى الأشعري قدما على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حجة الوداع وهما محرمان، فسألهما رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: بما أهللتما، فقال: كل واحد منهما قلت لبيك بإهلال كإهلال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فصوب النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فعلهما وأمرهما بما يفعلان في بقية إحرامهما» ولا دليل في ذلك؛ لأنهما إنما أحرما في وقت يجوز لهما الإحرام بالحج فيه وإن لم يعلما هل كان أحرم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد أم لا، ولا بما أحرم إن كان أحرم. وقاس ذلك أيضا بالذي يصوم أول يوم من رمضان متحريا دون أن يرى الهلال. وليس ذلك بقياس صحيح؛ لأن هذا احتياط مخافة أن يأكل يوما من رمضان، وهذا ترك الاحتياط إذ لم يؤخر صلاته حتى يوقن بدخول الوقت. وأما إذا لم ينكشف له أنه صلاها بعد دخول الوقت فبين أنها لا تجزئه؛ لأنها ثابتة عليه ولازمة لذمته فلا تسقط عنه إلا بيقين. ولو صلاها وهو غير عالم بدخول الوقت مخافة أن يفوته الوقت إذ لا يدري لعله قد دخل ومضى حتى لم يبق منه إلا قدر ما يصلي فيه لجرى ذلك على الاختلاف في الذي يصوم أول يوم من رمضان مخافة أن يكون من رمضان، والله سبحانه وتعالى أعلم.
[فصل]
وأما التوجه إلى القبلة فالدليل على وجوبه واشتراطه في صحة الصلاة قول