- عَلَيْهِ السَّلَامُ - لزهير أبي صرد خطيب أهل هوازن:«أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم» فأعطاهم ما لم يقف على مبلغه من الجزء والقدر جميعا، ولا خلاف بين الناس أن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قال:«ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤونة عاملي، فهو صدقة» وهو شيء لا تعلم حقيقته، لأن نفقة النساء تزيد وتنقص، وكذلك مؤونة العامل - قد تكثر في عام، وتقل في آخر؛ وهذا في فدك وخيبر وبني النضير؛ وقالت طائفة من أهل العلم - منهم أحمد بن حنبل وأبو ثور - الهبة والصدقة جائزة لازمة بالقول، لا تفتقر إلى حيازة كالبيع سواء؛ وتأولوا حديث أبي بكر في قصة عائشة على أن تلك الهبة لم تكن معلومة، ولذلك ردها أبو بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، لا لأنها لم تقبض لقوله إني نحلتك جداد عشرين وسقا؛ ولو باع رجل جداد عشرين وسقا من نخل له لم يجز فيه البيع، لأن ذلك مجهول.
[فصل]
ففي المسألة أربعة أقوال:
أحدها: هذا أنها تلزم بالقول وتتم به ولا تفتقر إلى حيازة - كالبيع سواء؛ والثاني قول مالك ومن تابعه أنها تنعقد بالقول وتلزم به ولا تتم إلا بالحيازة.
والثالث: أنها تنعقد بالقول ولا تجب به، وإنما تجب بالقبض والحيازة وهو مذهب أهل العراق، وقد تقدم الكلام على تضعيف هذا المذهب وتصويب مذهب مالك بما أغنى عن رده ههنا.
والرابع: التفرقة بين الهبة والصدقة على ما حكيناه.
[فصل]
ولا تفترق الهبة من الصدقة على مذهب مالك إلا في وجهين: