للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى أكرم من أن يكافئه بأقل مما وهب، فإنه تعالى يقول: {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ} [التغابن: ١٧] فهذا القول أظهر والله أعلم. ووجه تفرقة مالك بين التباعات والظلاماست ما استدل به من قوله: إنما السبيل على الذين يظلمون الناس فرأى أن ترك تحليل الظالم للظالم عقابا له أمرا هو محمود عليه لما في ذلك من الإخافة والردع من أن يعود إلى مثله. فأما في الدنيا فالعفو والصفح عن الظالم أولى من الانتصار منه بأخذ الحق منه في بدنه أو ماله لقول الله عز وجل: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: ٤٠] وقوله: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: ١٣٤] وقوله: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [الشورى: ٤٣] ولا يعارض هذا قوله عز وجل: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} [الشورى: ٣٩] لأن المدحة في ذلك وإن كانت متوجهة بهذه الآية لمن انتصر ممن بغى عليه بالحق الواجب ولم يتعد في انتصاره وكان مثابا على ذلك لما فيه من الردع والزجر، فهو في العفو والصفح أعظم ثوابا بدليل قوله بعد ذلك فمن عفا وأصلح فأجره على الله.

وقد قيل: إن الآية نزلت في الباغي المشرك. ويحتمل أن يكون معنى الآية الانتصار مما فيه لله حد لا يجوز العفو عنه والله أعلم.

فصل

في

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل مسلم بثلاثة شروط:

<<  <  ج: ص:  >  >>