للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحد عليها أو الرجم. قالوا: فلم يدخل هذا في معنى قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «من قضيت له بشيء من حق أخيه، فلا يأخذ منه شيئا». قالوا: ألا ترى أن من شهد عليه بالنكاح أو بالطلاق وقضى القاضي عليه بذلك، لم يكن له الامتناع منه وجاز الحكم بشهادة الشهود عليه. ولزمه التسليم له كانت فرقته في الظاهر فرقة عامة، فلما كان ذلك دخل فيه الشاهد وغيره، ولهم في ذلك احتجاجات كثيرة لا تصح، والصحيح ما ذهب إليه مالك والشافعي رحمهما الله ومن قال بقولهما.

[فصل]

ويستحب للقاضي الجلوس للحكم في رحاب المسجد الخارجة عنه من غير تضييق عليه في جلوسه في غيرها، ليصل إليه اليهودي والنصراني والضعيف وهو أقرب للتواضع، ولا ينبغي له أن يجلس الفقهاء معه في مجلس قضائه، ولكن يتخذهم مستشارين إذا ارتفع عن مجلس قضائه؛ وهكذا كان عمر بن الخطاب يفعل بأصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. هذا قول ابن حبيب في الواضحة.

واستحب أشهب ألا يقضي إلا بحضرة أهل العلم؛ لكي إن أخطأ في حكمه رد مكانه قبل أن يفوت القضاء به، فلا يقدر على رده إلا أن يخاف الحصر من جلوسهم عنده، أو يشتغل قلبه بهم وبالحذر منهم، وهو اختيار ابن المواز؛ ولا ينبغي للقاضي أن يقضي بين الخصمين- وبه من الضجر أو الغضب أو الجوع أو الهم ما يخاف على فهمه منه الإبطاء والتقصير، وما كان من ذلك كله خفيفا لا يضر به في فهمه، فلا بأس أن يقضي وذلك به.

[فصل]

ويلزم القاضي تحري العدل بين الخصمين عنده فيكون مجلسهما منه واحدا ونظره إليهما سواء، وقد تكلم الناس في آداب القضاة وما يلزمهم أن يلتزموه في أنفسهم وأعوانهم، وبسطوا ذلك في كتبهم، فأغنانا ذلك عن ذكره، وكتاب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري أصل في الأحكام فيجب تحفظه والوقوف عليه، وهو: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>