العيب الحادث عنده، خلافا للشافعي وأبي حنيفة في قولهما: إنه ليس له أن يرد، ويرد ما نقصه العيب الحادث عنده، إنما له أن يمسك ويرجع بقيمة العيب، والدليل على صحة قولنا قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من ابتاع شاة مصراة فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها، إن شاء أمسكها وإن شاء ردها وصاعا من تمر»، وجه الدليل من هذا الحديث أن المبتاع لما أتلف بعض المبيع - وهو اللبن المصرى في الضرع خيره النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بين أن يرد ويغرم قيمة ما أتلف من اللبن وهو الصاع، وبين أن يمسك، وهذا نص في موضع الخلاف؛ ومن جهة المعنى والقياس أن هذين عيبان حدث أحدهما عند البائع، والثاني عند المبتاع، وكل واحد منهما غير راض بالتزام ما حدث عند صاحبه بقيمته، فلما تعارض الحقان كان أولاهما بالتغليب حق المبتاع، لأنه لم يدلس ولا أخطأ على صاحبه، والبائع لا يخلو من أن يكون دلس على المبتاع أو أخطأ عليه بأن باع منه معيبا على أنه صحيح ولم يتثبت في ذلك.
[فصل]
ووجه العمل في هذا إن أراد أن يمسك أو يرجع بقيمة العيب أن يقال: ما قيمتها يوم البيع سليمة من عيب التدليس ومن العيب الحادث عند المشتري؟ فإن قيل: مائة، قيل: ما قيمتها يومئذ بعيب التدليس سليمة من العيب الحادث عند المشتري؟ فإن قيل: ثمانون، رجع المبتاع على البائع بخمس الثمن، كان أقل من ماله أو أكثر؛ لأن البائع لم يدفع إليه إلا أربعة أخماس ما باع منه وأخذ منه ثمن الجميع، فوجب أن يرد خمس الثمن؛ لأنه قبضه باطلا بغير عوض، وإن أراد أن يرد ويرد ما نقصها العيب الحادث عنده، قيل: ما قيمتها أيضا يومئذ بعيب التدليس وبالعيب الحادث عنده؟ فإن قيل: ستون وقيمتها يومئذ سليمة مائة، وبعيب التدليس ثمانون - كما ذكرنا - كان على المبتاع خمس الثمن، وإن شئت قلت: ربع الثمن بعد أن يسقط منه خمسه؛ لأنه دلس بخمس المبيع فأخذ خمس الثمن باطلا وذلك سواء، لأن هذا الجزء هو الذي ذهب عند المبتاع فيمضي ما ينوبه من