وجائز لنا أن نشتري منهم أولادهم وأمهات أولادهم إذا لم تكن بيننا وبينهم هدنة تمنعنا من ذلك؛ وأما ما قدموا به من أموال المسلمين التي حازوا في أوان حربهم، فقال في المدونة: لا أحب شراء ذلك منهم، وقال محمد بن المواز: لا بأس بشراء ذلك منهم، فإن جاء صاحبه كان له أخذه بالثمن، قال: واشتراء العبد المسلم منهم إذا باعوه أفضل من تركه، وكذلك الأمتعة عندي.
[فصل]
وكذلك معاملة أهل الذمة جائزة أيضا وإن كانوا يستبيحون بيع الخمر والخنازير ويعملون بالربا، كما قال الله تعالى عنهم:{وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ}[النساء: ١٦١]، لأن الله تبارك وتعالى قد أباح أخذ الجزية منهم وقد علم ما يفعلون وما يأتون وما يذرون، ولأنهم لو أسلموا لأحرزوا بإسلامهم ما بأيديهم من الربا، ومن الخمر والخنازير؛ لقول الله عز وجل:{فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ}[البقرة: ٢٧٥]، ولقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من أسلم على شيء فهو له»، إلا أن مالكا - رَحِمَهُ اللَّهُ - كره أن يباع منهم بالدنانير والدراهم المنقوشة، لما فيها من اسم الله تعالى، وكره أيضا أن يبيع الرجل من الذمي سلعة بدينار أو درهم يعلم أنه أخذه في خمر أو خنزير، ولم ير بأسا أن يأخذ ذلك منه في دين له عليه؛ وهذا على طريق التنزه والتورع؛ وأما في القياس وما يوجبه النظر، فهو جائز لأنه ماله وملكه لا