فنهى عن أخذه في الصدقة لأنه فوق السن الواجبة له فلا يأخذه إلا برضا رب الماشية.
وقوله ولا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة ذهب الشافعي إلى أن النهي في ذلك إنما هو للسعاة، وذهب مالك إلى أن النهي في ذلك إنما هو لأرباب المواشي. والصواب أن النهي على عمومه لهما جميعا، لا يجوز للساعي أن يجمع غنم رجلين إذا لم يكونا خليطين فيزكيهما على الخلطة ليأخذ أكثر من الواجب له، ولا أن يفرق غنم الخليطين فيزكيهما على الانفراد ليأخذ أكثر من الواجب له. وكذلك أرباب الماشية لا يجوز لهم إذا لم يكونوا خلطاء أن يقولوا نحن خلطاء ليؤدوا على الخلطة أقل مما يجب عليهم في الانفراد، ولا يجوز لهم أيضا إذا كانوا خلطاء أن ينكروا الخلطة ليؤدوا على الانفراد أقل مما يجب عليهم على الخلطة، وأما أبو حنيفة الذي لا يقول بالخلطة فيقول المعنى في ذلك أنه لا يجوز للساعي أن يجمع ملك الرجلين فيزكيهما على ملك واحد، مثل أن يكون للرجلين أربعون شاة فيما بينهما، ولا أن يفرق ملك الرجل الواحد فيزكيه على أملاك متفرقة، مثل أن يكون له مائة وعشرون فلا يجوز له أن يجعلها ثلاثة أجزاء أربعين أربعين فيأخذ منها ثلاث شياه. والتراد عنده هو في مثل أن يكون للرجلين مائة شاة وعشرون شاة على الثلث والثلثين فيأخذ منهما الساعي شاتين قبل القسمة، فيكون قد أخذ من غنم صاحب الثلثين شاة وثلثا وإنما عليه شاة، ومن غنم صاحب الثلث ثلثي شاة وعليه شاة، فيرجع صاحبه عليه بثلث شاة.
[فصل]
وكتاب عمر هذا أصله عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من وجوه ثابتة صحاح. من ذلك ما روي عن ابن عمر أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كتب كتاب الصدقات فلم يخرجه إلى عماله حتى قبض، وعمل به أبو بكر حتى قبض، ثم عمر حتى قبض، وساق الحديث بمعناه. وأجمع أهل العلم على ما نص فيه واختلفوا منه في مواضع محتملة للخلاف، منها في المذهب موضع واحد، وهو إذا زادت الإبل على مائة وعشرين ولم تبلغ مائة وثلاثين، فقال مالك في المشهور عنه: الساعي مخير بين أن يأخذ