شهادة الصبيان في الجراح والقتل - على اختلاف بينهم في ذلك ما لم يتفرقوا، أو لم يغيبوا على ما نذكر في موضعه- إن شاء الله.
[فصل]
وإنما شرطنا في ذلك العقل؛ لأن عدمه معنى ينافي التكليف كالصغير، وإنما شرطنا في ذلك الحرية، خلافا لمن أجاز شهادة العبد لغير سيده؛ لأن ظاهر قول الله عز وجل:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}[البقرة: ٢٨٢]. وقوله:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}[الطلاق: ٢]. يدل ألا مدخل في ذلك للعبيد لأن مثل هذا اللفظ إنما يختص بالأحرار، ولا يدخل تحته العبيد إلا بدليل؛ ألا ترى أن الله تبارك وتعالى قال:{وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ}[النور: ٣٢]، فلم يدخل في ذلك العبيد؛ إذ لو دخلوا فهب ذلك لكان قوله:{وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}[النور: ٣٢]، لا فائدة فيه.
ومن الدليل أيضا على أن العبيد لا مدخل لهم في الشهادة: أن الله تبارك وتعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ}[النساء: ١٣٥]، والعبد لا يجوز إقراره على نفسه، فلما لم تجز شهادته على نفسه لم تجز على غيره، وقال تبارك وتعالى:{وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا}[البقرة: ٢٨٢]، والعبد ملكه بيد سيده لا يجوز له أن يشهد إلا بإذن سيده؛ فخرج ممن خوطب بالشهادة؛ ألا ترى أن العبد لما لم يجز أن يغزو إلا بإذن سيده، لم يكن مخاطبا بالجهاد، ولم يكن له في الفيء نصيب؛ ولأن الرق نقص يمنع الميراث، فنافى الشهادة كالكفر.
[فصل]
وإنما شرطنا في ذلك الإسلام؛ خلافا لمن أجاز شهادة الكافر في الوصية