للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في موضع جماعهن. فدل ذلك على أنه إنما نهى في حال الحيض عما نص على إباحته بعد الطهر وهو الجماع في موضع الجماع لا غير. وقيل إنما سألوه عن ذلك لأنهم كانوا يجتنبون النساء في المحيض ويأتونهن في أدبارهن، فلما سألوه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن ذلك أنزل الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة: ٢٢٢] إلى قوله {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: ٢٢٢] أي في الفرج لا تعدوه، وهو أظهر من القول الأول وأبين في المعنى.

فصل

في ذكر الاختلاف في كيفية الاعتزال المأمور به في الآية

وأما كيفية اعتزال النساء في الحيض المأمور به في الآية ففيه لأهل العلم ثلاثة أقوال:

أحدها اعتزال جميع بدنها أن يباشره بشيء من بدنه على ظاهر قول الله عز وجل؛ لأنه أمر باعتزالهن عموما ولم يخص منهن شيئا دون شيء. وهذا إنما ذهب إليه من اتبع ظاهر القرآن وجهل ما ورد في ذلك عن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - من الآثار.

والثاني إباحة مباشرة ما فوق الإزار على ما وردت به الآثار، وعلى هذا جمهور فقهاء الأمصار. وهو مذهب مالك وجمهور أصحابه المتقدمين والمتأخرين من البغداديين.

والثالث إباحة كل شيء منها ما عدا الفرج على ظاهر ما روي عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أنها قالت لمن سألها عن ذلك: كل شيء لك منها حلال، ما عدا الفرج. وإلى هذا ذهب أصبغ فقال: إنما أمرت أن تشد عليها إزارها لئلا يصيبه شيء من دمها في مضاجعته إياها، وجعل النهي الوارد عن مباشرتها فيما دون الإزار من باب حماية الذرائع لئلا يجامعها في الفرج.

<<  <  ج: ص:  >  >>