وهو يلزم باللفظ مع النية في الحكم الظاهر والباطن؛ لأن الطلاق يفتقر إلى لفظ ونية. وقد اختلف إذا انفرد أحدهما دون الآخر. فأما إذا انفردت النية دون اللفظ فالصحيح أن الطلاق يلزم بذلك؛ لأن اللفظ بالطلاق عبارة عما في النفس منه، فإذا أجمع الرجل في نفسه على أنه قد طلق امرأته لزمه الطلاق فيما بينه وبين الله، وهو نص قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في سماع أشهب من كتاب الأيمان بالطلاق. وإن أظهر بلفظه ما أجمع عليه من الطلاق في نفسه حكم عليه به. وقد قيل: إن الطلاق لا يلزم بالنية حتى يلفظ به، وهو ظاهر قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - في رواية أشهب عنه في كتاب التخيير والتمليك ليس يطلق الرجل بقلبه ولا ينكح بقلبه. وأما إذا انفرد اللفظ دون النية فالصحيح أن الطلاق لا يلزم بذلك إلا في الحكم الظاهر، إذ لا يصدق إذا لفظ بالطلاق أنه لم يرده ولا نواه. وقد وقع في كتاب التخيير والتمليك من المدونة ما ظاهره أن الطلاق يلزم باللفظ دون النية، وهو خلاف المنصوص فيه وفي غيره وبعيد في المعنى، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما الأعمال بالنيات» وبالله سبحانه وتعالى التوفيق.
[فصل]
وهو على وجهين: مباح، ومحظور. فالمباح منه ما كان على الصفة التي أمر الله بها، والمحظور منه ما وقع بخلافها. والصفة التي أمر الله بها هي ما ذكر في كتابه حيث يقول:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}[الطلاق: ١]{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}[الطلاق: ٢] وقرأ ابن عمر " فطلقوهن لقبل عدتهن " معناه: في موضع يعتددن فيه، وهو أن يطلقها في طهر لم يمس فيه كما قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في «حديث عبد الله بن عمر إذ طلق امرأته