وابن الماجشون إلى أن الفصل لا يعتبر إلا بعد أمد الرضاع، وحملا حديث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ذلك.
[فصل]
وذهب الليث بن سعد وطائفة من العلماء إلى أن الحرمة تقع برضاع الكبير. وحجتهم في ذلك حديث سالم مولى أبي حذيفة، ذكره مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - في الموطأ عن ابن شهاب أنه سئل عن رضاعة الكبير فقال: أخبرني عروة بن الزبير ... الحديث بطوله. وهذا الحديث حمله مالك وأكثر أهل العلم على أنه خاص بسالم مولى أبي حذيفة، كما حمله أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما عدا عائشة. وممن قال " إن رضاعة الكبير ليست بشيء " عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وأبو هريرة وابن عباس وسائر أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غير عائشة، وجمهور التابعين وفقهاء الأمصار. وحجتهم قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما الرضاعة من المجاعة ولا رضاع إلا ما أنبت اللحم والدم» وقال ابن حبيب: إن الاختلاف الواقع بين أهل العلم في رضاع الكبير إنما هو في الستر والحجاب، وأما النكاح فلم يختلفوا فيه أنه لا يحرم به، والصحيح أن الاختلاف داخل فيه. وقد كان أبو موسى الأشعري يفتي بأن التحريم يقع به في النكاح، ثم رجع إلى قول ابن مسعود وقال: لا تسألوني عن شيء ما كان هذا الحبر بين أظهركم. ولا يزال الناس بخير ما رجعوا إلى الصواب عند تبينه لهم.
[فصل فيما تقع الحرمة به من الرضاع]
ومذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وجميع أصحابه، وهو قول أكثر أهل العلم، أن قليل الرضاع وكثيره يحرم؛ لأنه ظاهر القرآن، وحديث المصة والمصتان والإملاجة والإملاجتان، خرجه النسائي وغيره من رواية أبي الفضل بألفاظ متقاربة، في بعضها «لا تحرم المصة والمصتان» وفي بعضها «لا تحرم الإملاجة والإملاجتان» وفي بعضها «المصة والمصتان والإملاجة والإملاجتان». ورواه ابن وهب «تحرم