واختلف في المكاتب والمدبر والمعتق إلى أجل يولدون إماءهم هل يكن لهم أمهات أولاد إذا أفضوا إلى الحرية أم لا على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه لا يكن لهم لذلك أمهات أولاد.
والثاني: أنه يكن لهم بذلك أمهات أولاد.
والثالث: الفرق في ذلك بين المكاتب والمدبر والمعتق إلى أجل. وتحصيل الخلاف في هذا أنه اختلف في الأمة هل لها حرمة بإيلاد سيدها المكاتب أو المدبر أو المعتق إلى أجل أم لا على قولين:
أحدهما: أن لها بذلك حرمة.
والثاني: أنه لا حرمة لها بذلك.
فإذا قلنا إن لها بذلك حرمة فإنها تكون له أم ولد بما حملت به بعد عقد الكتابة أو التدبير أو العتق إلى أجل إذا أفضى إلى الحرية وإن وضعت قبل إفضائه إليها فلا خلاف. وأما ما حملت به قبل ذلك فوضعته بعده مثل أن تكون له زوجة فتحمل منه قبل الكتابة أو التدبير أو عقد العتق المؤجل فيشتريها من سيدها وهي حامل بعد عقد الكتابة أو عقد التدبير أو عقد العتق المؤجل فلا تكون به أم ولد إلا على قول من يرى في الحر إذا اشترى زوجته وهي حامل منه تكون له أم ولد بذلك الحمل، وقد مضى ذكر الاختلاف في ذلك.
وأما إذا قلنا إنه لا حرمة لها بذلك فحالها فيما حملت به من سيدها أو وضعته في هذه الحال حال أمة العبد تلد من سيدها أو تحمل منه لا تكون بذلك أم ولد إلا أن يقضي إلى الحرية بأداء الكتابة أو انقضاء أجل الحرية أو موت سيده في التدبير وخروجه من ثلثه وأمته حامل منه فيملك ذلك الحمل على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك، خلاف قول أشهب ورواية ابن عبد الحكم عن مالك، وبالله التوفيق.