أثم كانت السنة الرابعة ففيها كان بعث النفر الذين كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعث بهم مع عضل والقارة فغدروا بهم في الرجيع .. وذلك أنه قدم على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في صفر منها، وهو آخر السنة الثالثة من الهجرة، نفر من العضل والقارة، فزعموا أنهم قد أسلموا ورغبوا أن يبعث معهم نفرا من المسلمين يعلمونهم القرآن ويفقهونهم في الدين. فبعث - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معهم من أصحابه ستة رجال وأمر عليهم مرثد بن أبي مرثد، فنهضوا مع القوم حتى إذا صاروا بالرجيع وهو ماء لهذيل بناحية الحجاز استصرخوا عليهم هذيلا وغدروا بهم. وقد ذكرت جملة الخبر بذلك مختصرا في الجزء الرابع من شرح جامع العتبية فاختصرت ذكره هنا مخافة التطويل.
وفيها في شهر صفر منها كان بعث بئر معونة. وقد ذكرنا سببه وما جاء فيه في الجزء الرابع من شرح جامع العتبية فاختصرت ذكره هنا مخافة التطويل.
وفيها في شهر ربيع الأول منها كانت غزوة بني النضير، غزاهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فتحصنوا منه ست ليال، وأمر بقطع النخل وإحراقها، فألقوا ما بأيديهم وسألوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يكف عن دمائهم ويجليهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا السلاح، فاحتملوا ذلك إلى خيبر، ومنهم من صار إلى الشام. وقد ذكرنا في الجزء الرابع من شرح جامع العتبية سبب هذه الغزوة وبقية خبرها فاكتفينا بذلك عن ذكره هنا حرصا على التقريب والاختصار.
وفيها كانت غزوة ذات الرقاع في جمادى الأولى منها خرج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لخمس خلون من الشهر يريد بني محارب بن ثعلبة من غطفان حتى نزل نخلة، فلقي بها جمعا من غطفان وتقارب الناس ولم يكن بينهم قتال. وصلى بها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلاة الخوف ثم انصرف.