للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

وقولنا إن تقدم الحظر على الأمر قرينة تدل على أن المراد به الإباحة ليس بإجماع. قد قيل إن ذلك لا يدل على الإباحة. فإذا قلنا بهذا فالدليل على أن المراد بذلك التخيير بين القتل وإباحة الأسر «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قتل صبرا من أساري بدر عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث».

[فصل]

والتخيير في الأسرى ليس على الحكم فيهم بالهوى، وإنما هو على وجه الاجتهاد في النظر للمسلمين، كالتخيير في الحكم في حد المحارب. فإن كان الأسير من أهل النجدة والفروسية والنكاية في المسلمين قتله الإمام ولا يستحييه، وإن لم يكن على هذه الصفة وأمنت غائلته وله قيمة استرقه للمسلمين وقبل فيه الفداء إن بذل فيه أكثر من قيمته، وإن لم تبذل فيه قيمة ولا فيه محمل لأداء الجزية أعتقه كالضعفاء والزمنى الذين لا قتال عندهم ولا رأى لهم ولا تدبير. فمن الضعفاء والزمنى الذين لا يقتلون المعتوه والمجنون واليابس الشق باتفاق، والأعمى والمقعد على اختلاف. والاختلاف في هذا على اختلافهم في وجوب السهم لهم من الغنيمة، وفي جواز إعطائهم من المال الذي يجعل في السبيل، وإن لم تكن له قيمة وفيه محمل لأداء الجزية عقد له الذمة وضربت عليه الجزية. واختلف قول مالك إذا لم يعرف حاله، فمرة قال إنه لا يقتل إلا أن يكون معروفا بالنجدة والفروسية، ومرة قال إنه يقتل، وهو الذي ذهب إليه عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - في كتابه إلى عماله أن يقتلوا من جرت عليه المواسي ولا يسبوا من علوجهم أحدا.

[فصل]

وإن رأى الإمام باجتهاد مخالفة ما وصفناه من وجوه الاجتهاد كان ذلك له، مثل أن يبذل الفارس المعروف بالنجدة والفروسية في نفسه المال الواسع الكثير

<<  <  ج: ص:  >  >>