وضرب الله لعباده المؤمنين مثلا فيما قص عليهم من نبإ ابني آدم المذكورين ليتأسوا بفعل المتقي منهما، وأعلم تبارك وتعالى عباده أن قتل النفس بغير حق كقتل جميع الخلق في عظم الإثم إعذارا إليهم لتقوم الحجة بذلك عليهم، فقال عز وجل:{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}[المائدة: ٣٢] الآية. وروي عن مجاهد قال: جعل الله جزاء من قتل نفسا مؤمنة بغير حق جهنم وغضب عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما، فلو قتل جميع الخلق لم يزد من العذاب على ذلك، وما سماه الله عظيما فلا يعلم قدره إلا هو عز وجل.
[فصل]
فالقتل ذنب عظيم من أعظم الذنوب وأجل الخطايا وأكبر الكبائر ليس بعد الشرك ذنب أعظم منه عند الله. وروي عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه قال:«من أعظم الذنوب أن تجعل لله ندا وهو خلقك ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، ثم أن تزني بحليلة جارك». وروي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:«من شارك في دم امرئ مسلم بشطر كلمة جاء يوم القيامة وبين عينيه مكتوب آيس من رحمة الله» أو كما قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وروي عنه أنه قال:«من لقي الله ولم يشرك ولم يقتل لقي الله خفيف الظهر» والأخبار الواردة في القتل كثيرة، وكفى من ذلك ما جاء في القرآن.