جميع الصداق؛ لأن نصف الصداق للتي لم يدخل بها كجميعه للتي دخل بها. وهذا غير صحيح؛ لأن المدخول بها قد وجب لها الصداق بالوطء وجوبا مستقرا لا يسقطه فسخ ولا ارتداد، والتي لم يدخل بها لم يجب لها بالعقد شيء من الصداق وجوبا مستقرا، ولو وجب لها نصفه وجوبا مستقرا لما سقط بالفسخ أو الارتداد. فلما أوجبه الله تعالى لها ولم يكن واجبا قبل ولم يأمر لها بالمتاع دل على أن لا شيء لها سواه، وهذا بين والحمد لله. ومن أهل العلم من استحسن للزوج المتاع في هذه، ولم يوجبه لها للاحتمال، فهذه ثلاثة أقوال.
[فصل]
وأما المطلقة بعد الدخول وقد سمي لها الصداق أو لم يسم لها فلأهل العلم فيها قولان: أحدهما: أن المتعة لها واجبة على الزوج يؤخذ بها ويجبر عليها لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ}[البقرة: ٢٤١]، وقال كل مؤمن متق ولا تخصيص في الآية. والثاني: أنه يؤمر بها ويندب إليها ولا يجبر عليها فيقال له: متع إن كنت من المتقين على ما بيناه من قبل في قوله: إن كنت من المحسنين. وهو قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وجميع أصحابه.
[فصل]
وقد اختلف في متعة هذه المطلقة وفي التي طلقت قبل الدخول ولم يسم لها صداق أيهما أوجب على أربعة أقوال: أحدها: أنهما سواء في إسقاط الوجوب، وهذا مذهب مالك وجميع أصحابه. والثاني: أنهما سواء في ثبوت الوجوب لهما ووجوب الحكم بهما. والثالث: أن المتعة للمدخول بها أوجب من التي لم يدخل بها؛ لأن الله أوجب لها المتاع بغير لفظ الأمر المحتمل للوجوب والندب فقال:{وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ}[البقرة: ٢٤١]، واستدل أيضا من ذهب إلى ذلك بقول الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا}[الأحزاب: ٢٨]، فنص على إمتاعهن وهن