للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كتاب المأذون له في التجارة]

قال الله عز وجل: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [النحل: ٧٥]- فوصف الله تعالى العبد بالعجز وعدم القدرة، وجعله بخلاف الحر في بسط يده بالإنفاق فيما رزق من المال؛ فدل ذلك على أن أمر العبيد في الأموال مخالف لأمر الأحرار، وإن ملكهم لأموالهم ناقص عن ملك الأحرار، وأن لساداتهم التحجير عليهم في أموالهم بحق ملك رقابهم، فلا يجوز للعبد في ماله صنع إلا بأمر سيده، وهو له ملك حتى ينتزعه منه؛ قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من باع عبدا وله مال، فماله للبائع، إلا أن يشترطه المبتاع». فأضاف المال إلى العبد إضافة الملك بقوله: وله من مال؛ لأن هذه اللام لام الملك؛ فإذا أضيف بها المال إلى من يصح منه الملك، دل ذلك على وجوب الملك له، ولم يصح أن يحمل على المجاز؛ لأن الكلام لا يخرج على الحقيقة إلى المجاز إلا بدليل؛ ومن الدليل على أن العبد يملك، قول الله عز وجل: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: ٣٢] ومحال أن يصف الله بالفقر والغنى من لا يملك- وهذا بين.

<<  <  ج: ص:  >  >>