ابنه مائة وغربه عاما. ولا تغريب على النساء ولا على العبيد. هذا قول مالك وجميع أصحابه خلافا لأبي حنيفة في قوله لا تغريب على الزاني إلا أن يرى ذلك الإمام فيفعله على سبيل التعزير لا على سبيل الحد. قالوا لأن الله قال:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}[النور: ٢] ولم يذكر التغريب، فكان إثباته زيادة في النص، والزيادة في النص نسخ، ولا يصح نسخ القران بأخبار الآحاد. ولا يسلم أن الزيادة في النص نسخ على الإطلاق، بل هو حكم آخر إذا لم تغير الزيادة فيه الحكم الأول، والتغريب ثابت بالسنة، والجلد ثابت بالقران. وقال الشافعي تغرب المرأة الحرة لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام». وله في الأمة والعبد قولان: أحدهما أنهما لا يغربان. والثاني أنهما يغربان لِقَوْلِهِ تَعَالَى: فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب! فعم، ولأنه حد يتبعض فكان للعبد فيه مدخل. ودليلنا على سقوط التغريب عن النساء قوله:«لا تسافر امرأة مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم منها»، وفي سقوطه عن العبد قول الله تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}[النور: ٢] وَقَالَ {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}[النساء: ٢٥] فلم يذكر تغريبا فلا نثبته إلا حيث يقوم الدليل، مع ظاهر «قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الأمة إذا زنت فاجلدوها ثم إذا زنت فاجلدوها» فكرر الجلد ولم يكرر التغريب. ومعلوم أن الجلد من حدود الزنى فكان التغريب أولى بالذكر لو كان واجبا. وأيضا فإن خدمة العبد مستحقة لسيده فلا تسبقه إلا بدليل. والتغريب هو أن يحبس في غير بلده عاما على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك، وعلى قول مطرف وروايته عن مالك أيضا المحبس دون النفي.
[فصل]
وسواء زنى حر بحرة أو عبد بأمة أو حر بأمة أو عبد بحرة يكون على من كان رقيقا منهما حد العبيد وعلى من كان حرا منهما حد الأحرار، إلا ما يحكى عن الأوزاعي أن العبد إذا زنى بحرة رجم وإذا زنى بأمة جلد. وهذا فاسد لأن الزاني لا