وأصيب غداة يوم الجمعة لتسع عشرة ليلة مضت من شهر رمضان، ومات - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يوم الأحد لتسع بقين من رمضان سنة أربعين، وهو ابن سبع وخمسين سنة، ويقال: ابن ثمان وخمسين سنة. وكانت الجماعة على معاوية سنة أربعين.
فصل
[مراتب الصحابة]
فمراتب هؤلاء الخلفاء الأربعة في الفضل كمراتبهم في الولاية. فالذي عليه عامة أهل السنة وكافة علماء الأمة أن أمة نبينا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أفضل الأمم، كما أنه أفضل الأنبياء والرسل وخاتم النبيين وسيد المرسلين وأمين رب العالمين المبعوث إلى الخلق أجمعين، وأن أفضل أصحابه الخلفاء الراشدون المهديون أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب. وقد روي هذا عن مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وقيل: إنه الذي رجع إليه بعد أن كان وقف في عثمان وعلي فلم يفضل أحدهما على صاحبه على ظاهر ما وقع في كتاب الديات من المدونة على أنه كلام محتمل للتأويل. وقد ذكرنا وجوه احتماله واختلاف الروايات فيه في الجزء الرابع من شرح جامع العتبية.
ثم تقدم بعد هؤلاء الخلفاء في التفضيل بقية العشرة الذين شهد لهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالجنة ومات وهو راض عنهم، وهم الزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة بن الجراح، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل. فهؤلاء العشرة كلهم بدريون. ثم المقدم بعد هؤلاء العشرة في الفضل بقية أهل بدر، ثم أهل بيعة الرضوان وهم أصحاب الشجرة الذين قال الله فيهم:{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}[الفتح: ١٨] إلى قوله: {عَزِيزًا حَكِيمًا}[النساء: ٥٦]