وأجمع أهل العلم على أن السلعة المسروقة إذا وجدت قائمة بيد السارق فإنها ترد إلى صاحبها. واختلفوا إذا تلفت عنده وأقيم عليه الحد هل يتبع بها أم لا على أربعة أقوال:
أحدها: أنه يتبع بها في اليسر والعدم وهو قول الشافعي.
والثاني: أنه لا يتبع بها في اليسر ولا في العدم، حكى هذا القول إسماعيل القاضي عن أهل الشرق.
والثالث: أن المسروق منه مخير إن شاء اتبع السارق بقيمة سرقته ولم تقطع يده، وإن شاء بذل له القيمة وترك اتباعه بها وقطعت يده. هذا قول أبي حنيفة، حكاه عنه عبد الوهاب في شرح الرسالة، فلا يجب للإمام على مذهبه إذا تلفت السرقة أن يقطع يد السارق إلا بعد تخيير المسروق منه. وذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلى أنه إن كان متصل اليسر من يوم سرق إلى يوم أقيم عليه الحد ضمن قيمة السرقة، وإن كان عديما أو أعدم في بعض المدة سقط عنه الغرم، وهذا هو الصحيح، لأنه إذا كان موسرا متصل اليسار فكأن سرقة قائمة العين لأنه وإن أتلفها فقد وفى بها ماله. وهذا التعليل إنما يصح إذا أتلفها بالاستيفاء وأما إذا أتلفها بالجناية عليها أو تلفت بأمر من السماء فلم يف بتلافها ماله فيلزم عليه ألا يؤخذ من ماله وإن اتصل يسره إذا تلفت بأمر من السماء أو بجنايته عليها، وهذا ما لم يقولوه. فالعلة الصحيحة في هذا على مذهب مالك أنه إنما وجب ألا يتبع بقيمة السرقة في العدم إذا قطعت يده لئلا تجتمع عليه عقوبتان: قطع يده واتباع ذمته ولم يوجب الله عليه إلا عقوبة واحدة جزاء بما كسب فقال: فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسب. وأما في الملأ فيرد على المسروق منه قيمة سرقته وإن قطعت يده، كما يرد عليه عين سرقته بالإجماع إذا ألفيت قائمة بيده وليس ذلك عقوبة ثانية. ولا يلزم على