المرابحة، ولا بحكم الغش والخديعة، ولا بحكم العيب؛ (إحداهما) من باع مرابحة وحسب ما لا يحسب أو ربح ما يحسب ولا يحسب له ربح، (والثانية) من باع مرابحة على ما عقد عليه ولم يبين ما نقد؛ وأما سحنون فوافق ابن القاسم في الوجهين، وخالفه في الثالث؛ وافقه في حكم التدليس بالعيب وفي حكم الكذب، وخالفه في حكم الغش والخديعة؛ لأن الغش والخديعة عنده في المرابحة ينقسم على قسمين (أحدهما) أن لا يكون للغش والخديعة تأثير في زيادة الثمن، (والثاني) أن يكون له تأثير في زيادة الثمن، فأما ما لا تأثير له في زيادة الثمن فيوافق فيه ابن القاسم، وذلك مثل: أن يرث السلعة أو توهب له فيبيعها مرابحة، أو مثل: أن يشتري السلعة فتطول إقامتها عنده ولا تحول أسواقها وما أشبه ذلك. وأما ما له تأثير في زيادة الثمن فخالف فيه ابن القاسم ورده إلى حكم الكذب في القيام والفوات، وذلك مثل: أن يشتري السلعة بثمن إلى أجل فيبيعها مرابحة بذلك الثمن؛ لأن من المعلوم أن من اشترى إلى أجل يزيد في الثمن وأجل التأخير، مثل أن: يشتري الثوبين صفقة واحدة، فيبيع أحدهما مرابحة بما ينوبه من الثمن؛ لأن الجملة يزاد فيها على ما ذهب إليه ابن عبدوس - وإن لم يزد فيها فيتهم البائع في أنه قد وضع على أحد الثوبين من الثمن أكثر مما ينوبه.
[فصل]
فإن اجتمع على مذهبه الغشان جميعا؛ غش له تأثير في زيادة الثمن وغش لا تأثير له في زيادة الثمن - مثل أن: يشتري السلعة فتطول إقامتها عنده وتحول أسواقها بنقصان، فإنه يوافق ابن القاسم في قيام السلعة؛ لأن البائع إن أراد أن يلزم المبتاع السلعة بأن يحط عنه من ثمنها ما قابل الكذب ونوبه من الربح، احتج عليه بطول الإقامة، ويخالفه إذا فاتت السلعة فيحكم لها بحكم الكذب؛ ووجه العمل في ذلك أن تقوم السلعة يوم باعها مرابحة، فتكون تلك القيمة هو الثمن