للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المدونة؛ لأنه قال فيها إن المريض الذي لا يقدر على مس الماء يتيمم وإن كان واجدا له، وإن الصحيح الحاضر غير المسافر يتيمم إذا عدم الماء على التأويل الذي ذكرناه. وهو قول مجاهد في المدونة: للمجدور وأشباهه رخصة أن لا يتوضأ، ويتلو: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [المائدة: ٦]، قال ذلك مما يخفى من تأويل القرآن. ومن حمل الآية على التقديم والتأخير لا يجيز التيمم للمريض مع وجود الماء وإن لم يقدر على مسه، ولا للصحيح الحاضر وإن عدم الماء لأنه يعيد قوله: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [المائدة: ٦] على السفر والمرض.

[فصل]

والذي أقول به في تأويل الآية أن أو في قوله: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائدة: ٦] بمعنى الواو؛ لأن الآية على هذا تبقى على ظاهرها لا يحتاج فيها إلى تقديم وتأخير، ولا يفتقر فيها إلى إضمار، فتأتي بينة لا إشكال فيها لتبين معناها مع كونها على تلاوتها دون تقديم ولا تأخير ولا إضمار؛ لأنه إذا قال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦] إلى قوله {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [المائدة: ٦] فقد بين أن من جاء من المرضى والمسافرين من الغائط أو لامس النساء يتيمم إن لم يجد الماء. وعلى هذا التأويل لا يكون أيضا المريض الواجد للماء إذا لم يقدر على مسه ولا الحاضر العادم للماء من أهل التيمم.

[فصل]

وأما الاختلاف في تأويل بعض وجوهها تفصيلا. فمن ذلك قَوْله تَعَالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: ٦] فقيل معناه إذا قمتم محدثين، وقيل معناه إذا قمتم من المضاجع، وهو قول زيد بن أسلم، وهو أولى من التأويل الأول؛ لأن الأحداث

<<  <  ج: ص:  >  >>