والمستحب ما كان في فعله ثواب ولم يكن في تركه عقاب فبالوصف الأول بان من المكروه والمباح والمحظور، إذ ليس في شيء من ذلك كله ثواب، ووافق الواجب. وبالوصف الثاني بان من الواجب ووافق المكروه والمباح والمحظور. وهو ينقسم على ثلاثة أقسام: سنن، ورغائب، ونوافل. فالسنن ما أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بفعله واقترن بأمره ما يدل على أن مراده به الندب أو لم تقترن به قرينة على مذهب من يحمل الأوامر على الندب ما لم يقترن بها ما يدل أن المراد بها الوجوب. أو ما داوم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على فعله، بخلاف صفة النوافل. والرغائب ما داوم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على فعله بصفة النوافل أو رغب فيه بقوله من فعل كذا فله كذا. والنوافل ما قرر الشرع أن في فعله ثوابا من غير أن يأمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - به أو يرغب فيه أو يداوم على فعله.
والمباح ما لم يكن في فعله ثواب ولا في تركه عقاب، نحو القيام والجلوس والحركة والسكون والاستمتاع بالمباحات من المطعم والملبس والمركب وما أشبه ذلك.
والحرام ضد الواجب، وهو ما توعد الله على فعله بالعقاب.
والمكروه ضد المستحب وهو ما كان في تركه ثواب ولم يكن في فعله عقاب، وهو المتشابه. قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات» الحديث.
[فصل]
والعبادات التي لها هذه الأحكام تنقسم على ثلاثة أقسام: قسم منها يتوجه إلى القلوب. وقسم منها يتوجه إلى الأبدان. وقسم منها تشترك فيه القلوب والأبدان. فالذي يتوجه منها إلى القلوب خمسة أجناس: نظر، واعتقاد، وعلم، وظن، وإرادة. والذي يتوجه منها إلى الأبدان: ما لم يفتقر في امتثاله إلى نية. والذي تشترك فيه القلوب والأبدان ما افتقر في أدائه إلى نية، وقد تقدم بيان ذلك.