أجل أن ذلك يطول عليها العدة، وقد نهى الله عن ذلك بقوله:{وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا}[البقرة: ٢٣١] فلا يجوز له أن يراجع ليطلق، وإنما يجوز له أن يراجع ليطأ أو يمسك. فإذا وطئ في ذلك الطهر لم يصح له أن يطلق فيه. فالطهر الأول مقصوده الوطء فلا يصح فيه الطلاق، والطهر الثاني هو مخير فيه بين الوطء والطلاق. وقد قيل: إنه منع من الطلاق في الطهر الأول عقوبة لا لعلة موجودة، لما أوقع الطلاق في موضع لا يجوز له، منع منه في موضع يجوز له. والأول هو الصحيح؛ لأن العلة في ذلك موجودة، على ما بيناه وبالله التوفيق.
[فصل]
ولا يجوز عند مالك أن يطلق عند كل طهر طلقة؛ لأنه عنده طلاق بدعة على غير السنة؛ لأن الطلقة الثانية والثالثة لا عدة لهما، ولم يبح الله تعالى الطلاق إلا للعدة فقال:{فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}[الطلاق: ١]. وأجاز ذلك أشهب على ما روي عن ابن مسعود ما لم يرتجعها في خلال ذلك وهو يريد أن يطلقها ثانية فلا يسعه ذلك؛ لأنه يطول عليها العدة ويضر بها. وقد نهى الله تبارك وتعالى عن ذلك فقال:{وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا}[البقرة: ٢٣١]، وإلى هذا ذهب أبو حنيفة. والصواب ما ذهب إليه مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وهو الصحيح عن ابن مسعود أن طلاق السنة أن يطلق طلقة في أول الطهر إلى انقضاء العدة. وقد أنكر أحمد بن خالد - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - على سحنون إدخال الحديث الذي أدخل عن ابن مسعود في المدونة، وقال: ما خلق الله أشنع من هذا يدخل خلاف مذهبه، وما قد أنكره مالك، وقال: إنه لم يدرك أحدا يقتدى به من أهل بلده يرى ذلك. والحسن بن عمارة رجل مطعون فيه.
[فصل]
وكذلك لا يجوز عند مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أن يطلقها ثلاثا في كلمة واحدة، فإن فعل لزمه ذلك بدليل قول الله عز وجل:{وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}[الطلاق: ١] وهي