ذلك على أن الإشهاد في البيع غير واجب، وسكت عن الفرق بين الرجعة والطلاق - ولا فرق بينهما؛ لأن الله- تعالى- قال:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}[الطلاق: ٢] في أول سورة الطلاق عقيب ذكره الطلاق والإمساك بالرجعة والمفارقة بانقضاء العدة، فوجب أن يرجع ذلك إلى الجميع رجوعا واحدا؛ إما وجوبا وإما ندبا، وقد قال ابن بكير: معنى ذلك أن يشهد ذوي عدل على مراجعتها إن راجعها، وعند انقضاء عدتها إن لم يراجعها- أنه قد طلقها، وأن عدتها قد انقضت- خوفا من أن يموت فتدعي أنها زوجة لم تطلق، أو تموت هي فيدعي الزوج مثل ذلك، قال: وينبغي إن طلق طلاقا بائنا أن يشهد حين الطلاق أنها قد بانت منه خشية ما ذكرنا؛ لأن معنى البائن هي التي قد انقضت عدتها، فيلزم على قياس قوله أن يلزم الإشهاد في الطلاق الرجعي حين الطلاق مخافة الموت، فتدعي الميراث وتزعم أن عدتها لم تنقض.
[فصل]
فإذا قلنا إنه واجب فمعنى ذلك أنه يكون بتركه آثما لتضييع الفروج وما يتعلق بذلك من غير أن يكون ذلك شرطا في صحة الطلاق والرجعة.
[فصل]
وأما الفصل الثاني- وهو القيام بالشهادة - فإن الله تبارك وتعالى أمر به فقال:{وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ}[الطلاق: ٢] وقال: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ}[النساء: ١٣٥] وقال: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا}[البقرة: ٢٨٢] وذلك ينقسم على وجهين: