والوجه الثالث: أن يغارسه في الأرض على جزء منها فهذا أجازه أهل العلم قياسا على ما جوزته السنة من المساقاة، فليست بإجارة منفردة ولا جعل منفرد، وإنما هي سنة على حيالها، وأصل في نفسها أخذت بشبه من الإجارة والجعل، فهي تشبه الإجارة في لزومها بالعقد، وتشبه الجعل في أن الغارس لا يجب له شيء إلا بعد ثبوت الغرس وبلوغه الحد المشترط؛ فإن بطل قبل ذلك، لم يكن له شيء، ولا كان من حقه أن يعيده مرة أخرى، وقد قيل: لا يجوز، وهو قول ابن القاسم في رسم العتق من سماع عيسى من كتاب المغارسة: إن المغارسة في الأرض على جزء من الأرض لا تجوز إلا على وجه الجعل بأن لا يلزم المغارس الجعل ويكون له أن يذهب ويترك العمل إن شاء، فعلى هذا لا تكون المغارسة إلا على قسمين، وهي: الجعل والإجارة - كان له نصيب من الأرض أو لم يكن -.
[فصل]
واختلف إن ثبت منها يسير وبلغ الحد وبطل سائر ذلك أو بطل منه يسير وثبت سائر ذلك، فقيل: إن القليل تبع للكثير، إلا أن يكون الذي ثبت أو بطل له قدر وبال، وإن كان الأقل فلا يكون تبعا ويثبت حقه فيما يثبت ويبطل مما بطل، وهي رواية حسين بن عاصم، وهو الذي يأتي على المشهور من المذهب، فإن المغارسة على جزء من الأرض جائزة على أنها لهما جميعا لازمة، وقد قيل: إن حقه يثبت فيما بلغ، ويبطل فيما لم يبلغ، يسيرا كان أو كثيرا، تبعا كان أو غير تبع؛ وهو الذي يأتي على القول بأن المغارسة في الأرض على جزء منها لا تجوز إلا على وجه الجعل.
[فصل]
ولا تجوز المغارسة على جزء من الأرض إلا على شروط قد حدها أهل