للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وماء العيون وماء الآبار، عذبة كانت أو مالحة، كانت على أصل مياعتها أو ذابت بعد جمودها، إلا أن تكون مالحة فتذوب في غير موضعها بعد أن صارت ملحا فانتقلت عنه فإن لأصحابنا المتأخرين في ذلك ثلاثة أقوال: أحدها أنها على الأصل لا يؤثر فيها جمودها. والثاني أن حكمها حكم الطعام فلا يتطهر بها وينضاف بها ما غيرت من سائر المياه. والثالث أن جمودها إن كان بعناية وعمل وصنعة كان له تأثير فلا يتطهر بها وإن لم يكن بعناية وعمل لم يكن له تأثير.

[فصل]

وهي تنقسم على ثلاثة أقسام: ماء طاهر مطهر، وماء لا طاهر ولا مطهر، وماء طاهر لا مطهر. فأما الماء الطاهر المطهر فهو الماء المطلق، وصفته أنه لم يتغير أحد أوصافه بما ينفك عنه. وإنما سمي مطلقا لأنه إذا أطلق عليه مجرد الاسم وهو ماء كان كافيا في الإخبار عنه على ما هو عليه. والماء الطاهر غير المطهر هو الماء الذي تغيرت أحد أوصافه بما ينفك عنه من الطاهرات. ومعنى قولنا فيه إنه طاهر أنه غير نجس فلا يجب غسله من ثوب ولا بدن. ومعنى قولنا فيه غير مطهر أنه لا يرفع الحدث ولا حكم النجاسة وإن أزال عينها. وذهب أبو حنيفة إلى أنه يرفع الحدث على أصله في إجازة الوضوء بالنبيذ، ويرفع حكم النجاسة إذا أزال عينها على أصل مذهبه أن كل ما أزال العين رفع الحكم. وأما الماء الذي ليس بطاهر ولا مطهر فهو الماء الذي تغيرت أحد أوصافه بنجاسة حلت فيه، وإن لم يتغير أحد أوصافه بما حل فيه من النجاسة فلا يؤثر ذلك في حكمه كان الماء قليلا أو كثيرا على أصل مذهب مالك، وهي رواية المدنيين عنه. وروى المصريون عنه أن ذلك يؤثر فيه إذا كان قليلا، وقاله كثير من أصحابه. فأما ابن القاسم فأطلق القول فيه، بأنه نجس على طريق التوسع في العبارة والتحرز من المتشابه لا على طريق الحقيقة. يدل على ذلك من مذهبه أنه لم يأمر من توضأ به بإعادة الصلاة أبدا كما يأمر من توضأ بالمتغير. ومن أصحابنا من عبر عنه بأنه مشكوك فيه، وهي عبارة

<<  <  ج: ص:  >  >>