ابن القاسم في رسم الدور والمزارع من سماع يحيى من كتاب الجعل والإجارة، والنقد في هذه الإجارة جائز؛ لأن التلف نادر فلا يعتبر به.
والنوع الخامس: أن يستأجره على دار يبنيها في هذه البقعة أو بئر يحفرها فيها إجارة لازمة في عينه غير ثابتة في ذمته وماله، فهذا إن استحقت البقعة أو عرقت انفسخت الإجارة وإن أكمل البنيان وجبت له أجرته إن انهدم بعد تمامه؛ لأن المستأجر قابض له بتمامه، واختلف إن انهدم قبل تمامه: فقال سحنون: لا شيء له إلا بتمام العمل، وقال ابن القاسم: له من الأجر بحساب ما عمل إلا أن تكون الإجارة فيما لا يملك من الأرضين، فاختلف في ذلك قوله في المدونة فمرة قال: له بحساب ما عمل، ومرة قال: لا شيء له إلا بتمام العمل كالجعل وهذا حكم الإجارة الجائزة.
[فصل]
وأما الإجارة المكروهة فهي ما تتعارض الأدلة في صحة عقده مع السلامة من الجهل والغرر كالإجارة على الصلاة والحج وكإجارة المسلم نفسه من الذمي أو فيما فيه من الجهل والغرر. هل هو من قبيل اليسير المستخف أو من قبيل الكثير الذي لا يستخف؛ وحكمها أن يرد ما لم يفت، فإن فاتت مضت بالإجارة الأجرة المسماة. ومنها ما يفوت بالعقد ومنها ما لا يفوت إلا باستيفاء العمل على قدر قوة الكراهية فيها.
ومن الإجارات ما يختلف فيها في المذهب هل هي مكروهة أو فاسدة محظورة كالمسألة الواقعة في رسم أخذ يشرب خمرا من سماع ابن القاسم من كتاب الجعل والإجارة، ونصها:
قال: وسئل مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عن رجل شارط رجلا على عين يحفرها على خمسة آلاف ذراع وما وجد في الأرض من صفا، فعلى صاحب العين أن يشقه فعمل فيها فوجد في الأرض نحو مائة ذراع فشقها