الرجل، فلما فرغ قال له الرجل: اعمل لي بدلها وموضعها الذي يعمل هو أكثر عملا من الموضع الذي وجد فيها الصفا؛ فقال: لقد دخلت في أمر لا خير فيه، فأرى عليك قدر ذلك الموضع الذي شقه ذلك الرجل تغرمه، وليس عليك أن تعمل له بدله - يريد أن ينظر إلى قدر كم ذلك من الأرض من قدر العمل فيرد منه بقدر ذلك مما أخذ؛ قال ابن القاسم: لست آخذ فيه بقول مالك، وأرى أن يعطى أجرة مثله، قال سحنون: وهو رأيي، وقوله فيها أفضل وأجود، هذا نص هذه المسألة وفيها التباس قد أشكل على كثير من الناس معناها فتأولها على غير معناها، منهم ابن لبابة؛ فإنه وهم في تأويلها فجعلها جعلا، وقال: إن مالكا تكلم على أن العامل هو الذي شق الصفا، وقد كان شقها واجبا على رب الأرض بالشرط، وأن ابن القاسم وسحنون تأولا على مالك أنه إنما أجاب في المسألة على أن رب الأرض هو الذي شق الصفا وقد كان شقها على العامل، وقد بين في المسألة أن المعاملة إنما وقعت بينهما على أن يشق رب الأرض ما وجد فيها من الصفا، وأن العامل هو الذي شق الصفا، بدليل قوله: فلما فرغ قال له: اعمل لي بدلها، وقد سألني بعض أصحابنا عن معنى قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فيها وتبيين ما فسره ابن القاسم من إرادته، ووجه مخالفته إياه ومتابعته سحنون له على خلافه؛ فقلت: الذي أقول به في ذلك - والله الموفق للصواب برحمته أن هذه المسألة محتملة لوجوه من التأويل؛ إذ لم يبين كيف انعقد الاستئجار بينهما على حفر الخمسة الآلاف الذراع إن كان على شرط أن يشق صاحب العين ما وجد فيها من صفا ويسقط عنه من الإجارة التي سمياها بقدر ما ينوب ذلك منها، أو على أن يشق ما وجد فيها من صفا دون أن يحط عنه لذلك من الإجارة شيئا، فالغرر في الإجارة على هذا بين والأظهر فيها الفساد، وقول ابن القاسم وسحنون: إن للعامل أجرة مثله في جميع عمله، هو القياس، ووجه قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - على هذا التأويل وعلى ما ذيله ابن القاسم من التفسير له بقوله: يريد أن ينظر إلى قدر كم ذلك من الأرض من قدر العمل فيرد منه بقدر ذلك؛ مما أخذه هو أن مالكا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رأى العقد على هذا الشرط من