يختلف حده إلا باختلاف أحواله في نفسه لا باختلاف أحوال المزني بها.
[فصل]
والزنى الذي يوجب الحد على الزاني البالغ العاقل المسلم بإجماع هو أن يزني بآدمية يوطأ مثلها لا شبهة له في ملكها حية غير حربية في بلد الحرب طائعا غير مكره عالما بحرام ذلك. وإنما قلنا بآدمية لأنه إن زنى ببهيمة من البهائم لم يجب عليه حد إلا ما وقع في كتاب ابن شعبان من أن الحد في ذلك واجب عليه وهو بعيد. وإنما قلنا غير حربية في بلد الحرب لأن أشهب يقول من زنى بحربية في بلاد الحرب فلا حد عليه. وإنما قلنا لا شبهة له في ملكها لأن من زنى بأمة ولده أو بأمة له فيها شرك فلا حد عليه. وإنما قلنا حية لأن ابن شعبان يقول من زنى بميتة فلا حد عليه، وهو قول محمد بن عبد الحكم حكاه ابن حارث. وإنما قلنا يوطأ مثلها لأنه قد روي عن مالك أنه من زنى بصغيرة لا يوطأ مثلها فلا حد عليه. وإنما قلنا طائعا غير مكره لأنه قد اختلف فيمن أكره على الزنى هل عليه حد أم لا، فقيل إنه لا حد عليه لأن الإكراه يرفع الحرج عمن أكره فيما بينه وبين الله تعالى. فإن كانت المرأة هي المكرهة له على أن يزني بها ارتفع عنه الحرج في الزنى جملة. وإن كان غيرها هو المكره له على الزنى لم يكن عليه إثم إلا من قبلها ووجب عليه الأدب من أجل ذلك كما وجب على المكره له على ذلك. وقيل إنه يحد لأنه لا ينعظ ويطأ إلا باختياره وإرادته، وليس ذلك بصحيح، لأنه لم يختره راضيا بفعله وإنما اختاره على القتل مضطرا إليه كارها له غير راض به. وإنما قلنا عالما بحرام ذلك لأن أصبغ من أصحابنا يرى الجهل بتحريم الزنى شبهة تسقط الحد. وقد روي ذلك عن عمر بن الخطاب وجماعة من السلف، وهو الصواب إذا صحت الجهالة وبالله التوفيق.
[فصل]
ولا يحد الزاني إلا باعتراف أو حمل ظاهر أو بأربعة شهود عدول يشهدون على معاينة الفعل كالمرود في المكحلة.