أعلم. وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنه يجبر على قسمة المنافع في سكنى الدار ولباس الثوب واستخدام العبد من أباه من الشركاء إذا دعا إلى ذلك أحدهم، كان مما ينقسم أو مما لا ينقسم. فإن كان مما لا ينقسم قسم بينهم على التهايؤ بالأزمان، وإن كان مما ينقسم قسم بينهم على قدر حظوظهم فانتفع كل واحد بما صار له في حظه لتلك المدة. واحتج له الطحاوي بما روي في حديث «المرأة التي وهبت نفسها للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال له رجل زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة من قوله فيه لا أجد إلا إزاري هذا فلها نصفه، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه شيء وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء»، فدل ذلك من قوله على أن الأمر لو تم بينهما على ذلك لكان لكل واحد منهما لبسه بكماله في حال ما يحق ملكه لنصفه، والله أعلم.
[فصل]
ومن هذا الباب قسمة الحبس للاغتلال، فقيل إنه يقسم ويجبر على القسم من أباه وينفذ بينهم إلى أن يحدث عن الموت أو الولادة ما يغيره بزيادة أو نقصان. واحتج من ذهب إلى ذلك بقولهم فيمن حبس في مرضه على ولده وولد ولده إن الحبس يقسم على عدد الولد وولد الولد، وبغير ذلك من الظواهر الموجودة في مسائلهم. وقيل إنه لا يقسم بحال. واحتج من ذهب إلى ذلك بقول مالك في المدونة: إن الحبس مما لا يقسم ولا يجزأ. وقيل إنه لا يقسم إلا أن يتراضى المحبس عليهم على قسمته قسمة اغتلال فيجوز ذلك لهم.
[فصل]
والقسمة من العقود اللازمة، فإذا وقعت بين الشركاء فيما تجوز فيه القسمة على التراضي أو على القرعة بوجه صحيح جائز لزمت ولم يكن لأحدهم نقضها ولا الرجوع عنها، ولا تنتقض إلا بما يطرأ عليها مما لم يعلم به كطروء الغريم