النوم هو أن يقبض وله حبل ممدود إلى الجسم كشعاع الشمس، فإذا حرك الجسم رجع إليه الروح أسرع من طرف العين. وقد قال بعض العلماء: إن النوم آفة تعرض للروح وليس هذا بشيء. والأظهر في ذلك عندي أن قبضه في حال الوفاة هو بإخراجه من الجسم، وقبضه في النوم ليس بإخراج له من الجسم، وإنما معناه منعه من الميز والحس والإدراك وقبضه عن ذلك، كما يقال: قبض فلان عبده وقبض السلطان وزيره إذا منعه عما كان مطلقا عليه قبل وإن لم يزله عن مكانه في الحقيقة. والقبض على هذا والتوفي في الوفاة حقيقة، وفي حال النوم مجاز. والله سبحانه وتعالى أعلم بحقيقة ذلك كله، قال الله عز وجل:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا}[الإسراء: ٨٥].
[فصل فيما يستحب عند الاحتضار]
ويستحب أن يلقن الميت عند الموت شهادة أن لا إله إلا الله، فقد جاء أن «من كان آخر قوله شهادة أن لا إله إلا الله دخل الجنة» وأن يوجه إلى القبلة على شقه الأيمن كما يجعل في لحده وكما يصلي المريض الذي لا يقدر على الجلوس، فإن لم يمكن ذلك فعلى ظهره ورجلاه إلى القبلة. وقد روي عن مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أنه قال في التوجيه ما هو من الأمر القديم. وذلك نحو ما روي عن سعيد بن المسيب أنه أنكر ذلك على من فعله به عند مرضه. وتأول ابن حبيب أنه إنما كره ذلك لاستعجالهم به قبل أن تنزل به أسباب الموت. والأظهر أنه كرهه بكل حال. والذي يدل على أنه غير مشروع أن ذلك لم يرو أنه فعل بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا بأحد من الصحابة المتقدمين الكرام، ولو كان ذلك لنقل وذكر، والله سبحانه وتعالى أعلم.
ويستحب أن يكون ما تحته وما حوله طاهرا إن أمكن ذلك، وأن يحضره أفضل أهله وأحسنهم هديا وكلاما، فإن الملائكة تحضره. فإذا قضى غمض عينيه ونظر في غسله وتجهيزه إلى قبره. فقد قال أبو هريرة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عن النبي عليه الصلاة والسلام: «أسرعوا بجنائزكم فإنما هو خير تقدمونهم إليه أو شر تضعونه